الأمثلة:
1- قال تعالى:{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ}. الروم:60
2- وقال أيضا:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ} الصافات:73،72
3- وقال أيضا:{فأمّا اليتيم فلا تقهر وأمّا السّائل فلا تنهر} الضحى:10،9
4- قال عبد الله بن رواحة في مدح رسول الله صلّلى الّله عليه وسلّم:
تحمله النّاقة الأدْماء مُعْتجِرًا ....بالبُرْدِ كالبدْرِ جلّى نوره الظُّلَمَا
5- قال ابن جُبير:
فَيا راكِبَ الوجْنَاءِ هل أنْت عالِمٌ …فِداؤُكَ نَفْسِي كيْفَ تلكَ المَعالِمُ
إيضاح:
في الأمثلة المسجّلة أعلاه نجد كلمات تجانس إحداها الأخرى وتشبهها في اللفظ ولكنّها تختلف معها في المعنى؛والجمع بين كلمتين بهذا الشّكل في تركيب واحد يسمَّى جناساً.
في المثال الأول من الطائفة الأولى وردت كلمة (الساعة) مرتين،الأولى بمعنى يوم القيامة،والثانية بمعناها ساعة من الزمن أي ستين دقيقة.وكما نلاحظ أن الكلمتين متجانستان من حيث نوع الأحرف وترتيبها وعددها وشكلها وهذا النوع من الجناس يسمّى جناسا تامّا.
أمّا في بقية الأمثلة فإنّ الجناس ليس تامّا.
ففي المثال الثاني نلاحظ هناك اختلافا بين (مُنْذِرِين) و(الْمُنْذَرِينَ) في شكل الذّال وهذا أدّى إلى اختلافهما في المعنى.
وفي المثال الثالث نلاحظ اختلافا بين (تقهر) و (تنهر) في الحرف الثاني.
وفي المثال الرّابع نلاحظ اختلافا بين (البُرْدِ) و (البدْرِ) في ترتيب الأحرف بين الرّاء والدّال.
وفي المثال الخامس نلاحظ اختلافا بين (عالم) و (معالم) في عدد الأحرف بزيادة ميم في الثّانية.
وكما بيّنا فإنّ كلّ جناس من هذه الجناسات الأربعة فقد شرطا من الشروط الأربعة للجناس التّام،وهذا النّوع من الجناس يسمّى جناسا ناقصا أو جناسا غير تامّ.
تذكّر:
تعريف الجناس:
الجناس هو تشابه لفظين في النّطق واختلافهما في المعنى. وهو نوعان:
1- جناس تامّ : وهو ما اتّفق فيه اللفظان في أَربعة أشياء هي:نوع الأحرف،وشكلها،وعددها،وترتيبها.
2- جناس ناقص (غير تام):وهو ما اختلف فيه اللفظان في واحد من الأمور الأربعة المطلوبة في الجناس التّام.
تنبيه:
الجناس أسلوب جميل ذو أثر موسيقي على الأذن فإذا ورد عفويّا طبيعيا فهو محبوب وإذا كان فيه تكلف وتصنّع ونتج عنه تعقيد فهو غير مقبول.
أنواع الجناس:
الجناسُ التامّ:سبق التّعرف به هو ثلاثة أقسامٍ هي:المماثل والمستوفي وجناس التركيبِ
1- الجناس المماثل:يكون بين اسمين أو فعلين أو حرفين.
مثال عن جناس بين اسمين:رحبة المنزل رحبة. (الأول بمعنى فناء والثاني بمعنى واسعة)
مثال عن جناس بين فعلين:قال شاعر:
قومٌ لَوَ أَنَّهمُ ارتاضوا لمَا قرَضوا ... أَو أنَّهم شَعروا بالنَّقصِ ما شعرَوا
(الأول بمعنى أحسُّوا والثاني بمعنى نظموا الشِّعر)
مثال عن جناس بين حرفين:هذا الصّحفي يعيش بقلمه،ولقد فتح له باب الشهرة به .
(الباء الأولى تفيد الاستعانة والثانية تفيد السّببية)
2- الجناس المستوفي:يكون بين نوعين مختلفين كأن يكون بين اسم وفعل أو بين حرف واسم وهكذا.
مثال عن جناس بين اسم وفعل:ارعَ الجارَ ولو جارَ.(الأول اسم والثاني فعل)
مثال عن جناس بين فعل مضارع واسم:قال أبو تمام:
ما ماتَ من كرم الزَّمان فإنَّه ... يحيا لدى يحيى بن عبد الله
(الأول فعل والثاني اسم)
مثال عن جناس بين فعل أمر واسم:قال شاعر:
إنْ تُلقكَ الغُرْبةُ في معشــرٍ ..... قدْ أجمعوا فيكَ على بُغضهمْ
فدارِهمْ ما دُمتَ في دارِهمْ ... وأرْضِهمْ ما دُمتَ في أرضِـهمْ
3 -جناس التركيب:يكون بين كلمة مفردة في تركيبها وبين لفظة مركبة من كلمتينِ
مثال:قال شاعر :
يا سيـداً حـــازَ رُقــىً ... بـــمــــا حــبانــي وأولَــــــى
أحسنتَ بِرًّا فقلْ ليْ ... أحسنتُ في الشكرِ أوْ لا ؟
(الأولى كلمة مفردة بمعنى منح وأعطى والثانية مركبة من ْأو العاطفة ولا النافية)
وقال شاعر آخر:
إِذا مَلِكٌ لمْ يكُنْ ذاهِبهْ ... فدَعْهُ فدَوْلتهُ ذاهِبهْ
(الأولى مركّبة من (ذا) و (هبة) والثانية مفردة (ذاهبة)
تنبيه:يسمَّى هذا النوع من الجناس مقروناً.
أمّا الجناس الذي يكون بين كلمة وكلمة وبعضِ أخرى فيسمِّى مَرفُوًّا كما في هذين البيتين:
ولا تلهُ عن تَذكارِ ذنبِكَ وابكِهِ ... بدمعٍ يُضاهي المُزْنَ حالَ مَصابِهِ
ومثّلْ لعينَيْكَ الحِمامَ ووقْعَهُ ... .وروْعَـةَ مَلْقــــاهُ ومطْعَــــــمَ صابِهِ
وأمّا إن اختلف الركنان خطاً سُمِّي الجناس مفروقاً كما في هذا البيت:
كلُّكمْ قدْ أخذَ الجـــــا .....مَ ولا جامَ لَنا
ما الذي ضرَّ مُديرَ ال ... جامِ لوْ جاملَنا
وهذا البيت:
لا تعرِضنَّ على الرُّواةِ قصيدةً ........ ما لم تبالغْ قبلُ في تهذيبها
فمتى عرضْتَ الشِّعْرَ غيرَ مهذبٍ .. عدُّوهُ مِنكَ وساوِساً تَهْذي بِها
الجناس غير التامّ: سبق التّعريف به.
إن اختلف ركنا الجناس في نوع الأحرف فيُشترَط ألا يكون هذا الاختلاف في أكثر من حرفٍ،وهذا الجناس يأتي على نوعين:
1- جناس مضارع:يكون الحرفان المختلفان فيه متقاربين في المخرج،ويأتيان في أول الكلمة أو وسطها أو آخرها،مثل ولنا:الليل دامس،والطريقٌ طامس,ومثل قوله تعالى:{وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}سورة الأنعام:26،ومثل وقوله تعالى:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} القيامة:23،22،ومثل قول النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم:«الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِى نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».
2- جناسٌ لاحق: يكون الحرفان المختلفان فيه متباعدين في المخرج،ويأتيان في أول الكلمة أو وسطها أو آخرها،مثل وهو ما كان الحرفانِ فيه متباعدينِ في المخرج،مثل قوله تعالى:{وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ} الهمزة:1، ومثل قوله تعالى:{ذَلِكُم بِمَا كُنتُمْتَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ}غافر:75،.ومثل قوله تعالى:{وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}العاديات:،8،7
ومثل قول الشاعر:فإنْ حلُّوا فليسَ لهمْ مفرٌّ ... وإنْ رحلوا فليسَ لهمْ مقرُّ
ومثل قوله تعالى:{وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ ..}النساء:83
وإن اختلف ركنا الجناس في عدد الأحرف سمِّيَ الجناس ناقصًا،وذلك لنقصان أحد الركنين عن الآخر،وهو يأتي على نوعين:
1 - ما كان النقصان فيه بحرفٍ واحدِ في أولِ الكلمة (جناس مردوف) أو وسطها (جناس مكتنف) أو آخرها (جناس مطرّف) مثل قوله تعالى:{وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ}القيامة:30،29،ومثل قولنا:لست عالما بما في هذهالعوالم،ومثل قولنا: الهوَى مطيةُ الهوانِ.
2- وما كان النقصان فيه بأكثر من حرفٍ،ويسمِّيه البعض جناسا مُذيّلا،مثل قول الخنساء:
إنَّ البكاءَ هوَ الشِّفا ... ءُ منَ الجوَى بينَ الجَوانِح
وإن اختلف ركنا الجناس في ترتيب الأحرف سمِّيَ جناس القلب،مثل قول الشاعر:
حُسامُكَ فيهِ للأحبابِ فتح ... ورمحُكَ فيهِ للأعداءِ حتف
ومثل قول النبي صلى الله عليه وسلم:«اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِنَا وَآمِنْ رَوْعَاتِنَا»،ومثل قولنا:«رحمَ اللهُ امرأ،أمسكَ ما بينَفكّيه،وأطلقَ ما بين كفّيه».
أنواع أخرى من الجناس:
1-الجناس المطلق:هو الذي يتشابه فيه ركناه بدون أن يكون بينهما اشتقاق،مثل قوله صلى الله عليه وسلم:« أَسْلَمُ سَالَمَهَااللَّهُ،وَغِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا »أخرجه البخاري،وقوله تعالى: {قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَالْقَالِينَ}الشعراء:168،167.
2-جناس الاشتقاق: هو الذي يتشابه فيه ركناه ويكون بينهما اشتقاق،مثل قوله تعالى:{إذا وقعت الواقعة لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ} الواقعة:2،1
3-الجناس المحرَّف:هو الذي يختلف ركناه في الحركات والسكنات،كقول من قال:إذا زلَّ العالِمُ،زلَّ بزلتِه ِالعالَمُ.
4-الجناس المصحّف:هو الذي لو أزيل إعجام أحد ركنيه صار الركن الآخر لا فرق بينهما مثل قول من قال:«غرَّكَ عزُّك،فصارَ قصَارى ذَلكَ ذُلُّكَ، فاخشَ فاحِشَ فِعلكَ، فَعلَّكَ بهذا تهتدِي ».
ومثل قول أبي فراس:مِنْ بَحْرِ شِعْرِكَ أغْتَرِف ... و بفضلِ علمكَ أعترف
تنبيه:الحرف المعجم هو المنقّط والحرف المهمل هو غير المنقّط.
5- الجناس المُلفَّق:هو الذي يكون ركناه مركبين من كلمتين فأكثر،مثل قول الشاعر:
ولِيتُ الحكمَ خمساً وهيَ خمْسٌ ... لَعمْري والصبا في العُنْفُوانِ
فلم تَضَعِ لأعادي قَدْرَ شانـــــــي ... ولا قالوا فلان قَدْ رَشانــــــي
6- الجناس المعنويّ:هو نوعان:جناس إضمار وجناس إشارة.
أ -جناس الإضمار:هو أن نستعمل كلمة تستدعي في ذهنك كلمة أخرى،وهذه الكلمة تفيد معنى غير معناها الأصلي بدلالةِ السِّياق،مثل قول الشاعر:
مُنعَّمُ الجسمِ تحكي الماءَ رقتُهُ ... وقلبُهُ قسوةٌ يحكي أبا أوس
وأوس شاعر مشهور من شعراء العرب،واسم أبيه حِجر،فلفظ أبي أوس يحضر في الذِّهن اسمه،وهو حِجر،وهو غير مقصود،وإنما المقصود:الحجَر المعلوم.
ب - جناس الإشارة: هو ما ذكرَ فيه أحدُ الركنينِ، وأشيرَ للآخر بما يدلُّ عليه، وذلك إذا لم يساعدِ الشِّعر ُعلى التصريحِ به،نحو قول الشاعر:
ياحمزةُ اسمحْ بوصلٍ وامننِ علينا بقربِ ... في ثغركَ اسمُكَ أضحَى مصحّفاً وبقلبي
ذكر الشاعر أحد المتجانسينِ،وهو حمزة،وأشار إلى الجناسِ فيه،بأنَّ مصحَّفه،فى ثغرهِ، أي خمرة وفى قلبه،أيْ جمرَة.
تنبيه:ارجع إلى الجناس المصحّف أعلاه.
الشاعر يريد أن حمزة إذا صحّفناه بإزالة نقطة الزّاي وجعلها فوق الحاء صار خمرة وإذا صحّفناه بجعل هذه النقطة تحت الحاء صار جمرة.
تدريبات على الجناس:
بين الجناس فيما يلي وعين نوعه:
1- ما مات مِنْ كرمِ الزمان فإِنَّه … …يحْيا لَدى يحْيى بْنِ عبد الله
2- لم نلقَ غيرَك إِنساناً يُلاذ بهِ … …فلا برحْتَ لِعينِ الدهْر إِنْسانا
3- فَهمتُ كتَابك يا سيِّدي… فَهمْتُ ولاَ عجبٌ أنْ أهِيما
4- بسيفِ الدّوْلة اتّسقتْ أمور ... رأَيناها مُبدَّدةَ النّظــام
سَمَا وحَمَى بني سامٍ وحامٍ ... فليسَ كمثلهِ سامٍ وحامِ
5- عبَّاسُ عبَّاسٌ إِذا احتدم الوغى … …والفَضْلُ فَضْلٌ والربيعُ ربيعُ
6- قال تعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ ..} النساء.
7- وقال تعالى: {وهم ينْهَون عنه وينْأَوْن عَنه وإن يُهلكونَ إِلاَّ أَنفسهم وَمَا يشعرون} الأنعام.
8- نَهَاكَ نُهَاكَ عن طريق الشر.
9- فيا لك مِنْ حزمٍ وعزمٍ طواهما … …جديد الرّدى بيْن الصّفا والصّفائح
10- نسيمُ الرّوضِ في ريح شَمَالٍ،وَصَوْبُ المُزْنِ في راح شَمُولِ
11- لا أُعْطي زمامي من يُخْفرُ ذِمامي،ولا أغرسُ الأيادي في أرضِ الأعادي.
12- لهُمْ في السيرِ جِرْيَةُ السّيلِ والى الخيرِ جرْيُ الخَيلِ
13- بيضُ الصفَائح لا سُودُ الصَّحائِفِ في … …مُتُونِهن جلاءُ الشَّكِّ والريبِ
14- قال تعالى: {ذلكم بما كنتم تَفْرَحُونَ في الأَرض بغير الحقّ وبما كنتم تَمْرَحُونَ} غافر.
15- قال عليه الصلاة والسلام:« الْخَيْلُ معقود بِنواصيهَا الْخَيْرُ إِلى يَوْمِ القيامةِ .»
16- ولم أَرَ كالمعروف تُدعى حقوقه مَغَارمَ في الأقوام وَهْيَ مَغَانِمُ